فصل: فصل في الوقف والابتداء في آيات السورة الكريمة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



راجع [الآية 11] من سورة الحج المارة.
أخرج الترمذي عن العباس بن عبد المطلب عم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال قلت يا رسول اللّه إن قريشا جلسوا يتذاكرون حسبهم بينهم، فقالوا مثلك كمثل نخلة في كدّية (بضم الكاف وتخفيف الدّال الأرض الغليظة والصّفات الشّديدة العظيمة والشّيء الصّلب بين الحجارة والطّين) من الأرض، فقال صلّى اللّه عليه وسلم: إن اللّه خلق الخلق فجعلني من خير فريقهم، وخير الفريقين، ثم تخيّر القبائل فجعلني من خير قبيلة، ثم تخيّر البيوت فجعلني من خير بيوتهم، فأنا خيرهم نفسا وخيرهم بيتا.
وروى مسلم عن وائلة بن الأسقع قال سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يقول إن اللّه اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم.
واصطفاني من بني هاشم.
وروى البخاري عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال بعثت من خير قرون بني آدم قرنا فقرنا.
حتى كنت من القرن الذي كنت فيه.
وهذا الرّسول أيها المؤمنون {عَزِيزٌ} شاق صعب عظيم شديد {عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ} أي ما تعملونه من المكروه والإثم لزيادة رأفته بكم، وكثرة غيرته عليكم لأنه يراكم بمثابه أعضائه وجوارحه، فكما يشق عليكم تألم شيء منها يشق عليه ما يصيبكم من كلّ سوء، فيخاف عليكم كخيفته على نفسه حقا ولذلك فإنه {حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ} من أن ينالكم مكروه لشدة اهتمامه بكم كما يهمه جسده، فلا يرضى بنقص أقل جزء منه ولا بشقائه فكذلك أنتم عنده، ولذلك لا يريد لكم إلّا الخير، وهو يبذل غاية جهده وقصارى وسعه ونهاية قدرته لهدايتكم لأنه {بِالْمُؤْمِنِينَ} المخلصين للّه الطائعين أوامره {رَؤُفٌ} وبالمذنبين والعاصين والغافلين {رَحِيمٌ} (128) بهم يريد أن يعفو اللّه عنهم ويرجو منه أن يشفّعه بهم، ولهذا فإنه ليفيض عليهم العلوم والمعارف والكمالات، ويجب أن يتصفوا بها كلها لينجيهم ربهم من عذاب الآخرة ويغفر لهم ما وقع منهم في الدّنيا، ولذلك يسعى لإرشادهم ويطلب من ربه قبولهم وتوفيقهم للخير والذكر الحسن في الدّنيا لينالوا ثوابه في الأخرى.
اعلم أن اللّه تعالى لما أمر رسوله صلّى اللّه عليه وسلم أن يبلغ ما جاء في هذه السّورة من التكاليف عباده، وكانت شاقة يعسر تحملها إلّا لمن خصه اللّه تعالى بالتوفيق والكرامة، ختم هذه السورة بما يوجب سهولة تحمل هذه التكاليف، وهو أنه قد جعل هذا الرّسول الذي بلغهم منهم فكل ما يحصل من العز والشّرف في الدّنيا فهو عائد إليكم، وفضلا عن هذا فإنه عليه الصّلاة والسّلام بحال يشقّ عليه ضرركم وتعظم رغبته في إيصال خير الدّنيا والآخرة إليكم، فهو كالطبيب الشّفيق ولأب الرّحيم في حقكم، والطّبيب الشّفيق ربما أقدم على علاجات صعبة يعسر تحملها، والأب الرّحيم ربما أقدم على تأديبات شاقة، إلا أنه لما عرف أن الطّبيب حاذق والأب رؤوف صارت تلك المعالجات المؤلمة متحملة، وتلك التأديبات الشّاقة جارية مجرى الإحسان، فكذا هنا، لما عرفتم أنه رسول اللّه حقا فاقبلوا منه هذه التكاليف مهما كانت لتفوزوا بخير الدّارين.
قال تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّوْا} عنك يا سيد الرّسل بعد ما أسديت لهم هذا النّصح وأعرضوا عن قبول إرشادك، ومالوا عن موالاتك وعدلوا عن مجالستك، فاتركهم ولا تلتفت إليهم، لأنك لست عليهم بجبار ولا مسطير، لأنهم يظهرون ذلك الإيمان، فلو كانوا يجاهرون بالكفر لكان لك أن تقاتلهم حتى يعطوا الجزية، فلم يبق إلّا طريق النّصح، فإذا رأيتهم تولوا عنك ولم يجنحوا لإرشادك {فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ} وحده هو كافيني عن جميع خلقه لا حاجة لي بكم ولا باستعانتكم، كما لا حاجة للانسان إلى العضو المتعفن الفاسد، بل يجب قطعه لئلا يسري لغيره {لا إِلهَ} في الوجود ولا مؤثر في الكون ولا هادي للمضل {إِلَّا هُوَ} وحده ناصرك ومعينك وكافيك عن كلّ خلقه وهو المعول عليه بالاستقلال والإحاطة والاستيلاء التام {عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ} لا على غيره، إذ لا رب سواه فهو الباقي وما سواه هالك فلا حول ولا قوة إلّا باللّه الذي من يتوكل عليه يكفيه، ومن يرجع إليه يغنيه عن كلّ أحد، إذ لا فعل ولا منع ولا عطاء إلّا منه، إليه أنبت وأسلمت وآمنت {وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} (129) تقرأ على الكسر على انه صفة العرش، لأنه أعظم مخلوقاته، لما ورد أن أرضكم هذه بالنسبة لعرش الرّحمن كحلقة ملقاة في فلاة، وبالرفع على أنه صفة للّه تعالى واللّه سبحانه هو الكبير العظيم بأسمائه وصفاته وأفعاله، المستحق للتعظيم بأفضاله وآلائه.
والمراد من عظم العرش كبر جرمه واتساع جوانبه على ما هو مذكور في الأخبار، ومنها ما ذكر آنفا، والمراد من وصف الإله بالعظم وجوب الوجود والتقديس والتنزيه عن الجسمية والأجزاء والأبعاض ووصفه بكمال القدرة وكونه مبرأ من أن يتمثل في الأوهام أو تصل إليه الأفهام.
قال أبو بكر وهذه القراءة (أي قراءة العظيم بالرفع) أعجب لأن جعل العظيم صفة للرب العظيم أولى من جعله صفة العرش (أي وإن خصّصها الغير) ويوجد في القرآن أربع سور مختومة بلفظ العظيم: هذه والحديد والواقعة والحاقة.
هذا وقد ذكرنا أوّل هذه السّورة أنها نزلت كلها جملة واحدة، كما أشرنا إليه في الآية (27) المارة، وقال الحسن إن هاتين الآيتين الأخيرتين من آخر ما نزل من القرآن وما نزل بعدها قرآن.
والمراد بقوله هذا أنهما نزلتا بآخر هذه السّورة لا وحدهما أما قوله ما نزل بعدهما قرآن، فلا يتجه إذ نزل بعدهما من السّور سورة النّصر، ومن الآيات آية المائدة الخامسة {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} وآية البقرة 282 وهي {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} على أصح الأقوال، ومن قال ان الآيتين الأخيرتين من هذه السّورة نزلتا بمكة قيل لا مبرر له ولا عبرة به ولا قيمة له، وكان هذا القائل نظر لما فيهما من التفريض فقال ما قال، لأن هذه السّورة جاءت بالجزم والعزم ومقام الشدة والغلظة فلا يناسبها ختمها بما يدل على التفريض على أن هذا لا يكون مدارا لإثبات قوله بأنهما مكيتان، لأن الأجدر هنا أن يكون المقام مقام تفويض تحدثا بما أكرم اللّه به نبيه فيهما من النّصر والعلبة وفضيحة أعدائه والتوبة على أوليائه.
ومما يدل على كونهما مدنيتين وختم هذه السّورة بهما ما ورد عن أبي بن كعب أنه قال هاتان الآيتان {لَقَدْ جاءَكُمْ} إلخ آخر القرآن نزولا.
وفي رواية أحدث القرآن عهدا باللّه هاتان الآيتان أي من حيث لم ينزل بعدهما إلّا ما ذكرناه آنفا، ومن علم أن كلام اللّه لا يشبه كلام خلقه علم أن كلامه لا يتقيد بمناسبة.
راجع الآية (82) من سورة النّساء المارة.
واعلم أن ما نقل عن حذيفة من قوله أنتم تسمون هذه السّورة بالتوبة وهي سورة العذاب ما تركت أحدا إلّا قالت منه (واللّه ما تقرءون ربعها) فهو نقل كاذب ورواية مفتراة وخبر بهت وقول زور، لأن تصديق الجملة الأخيرة من هذه الرّواية الواهية عبارة عن وجود النّقص في القرآن العظيم الذي لا يحتمل النّقص ولا الزيادة ولا يتطرقان إليه البتة.
كيف وقد حفظه اللّه من كلّ باطل وتعهد بحفظه كما أشار إلى ذلك في الآية (30) سورة الحجر و[الآية 92] من سورة فصلت، وهذا القول المختلق يخرج القرآن العظيم عن كونه حجة ولا خفاء، فإن القول بوجود نقص في القرآن باطل لا يقوله إلّا مبتدع زنديق فاسق فاجر، وهو كالقول بأن سورة الأحزاب كانت أكثر مما هي عليه الآن إذ أكلتها الأرضة وهي في بيت عائشة، فإذا أكلتها من بيت عائشة فهل أكلتها من النّسخ التي عند كتبة الوحي، وهل أكلتها من صدور الحافظين الأمينين.
ولما نسخ أبو بكر القرآن من اللّخاف وغيرها هلا اطلع على هذا النّقص وهو خليفة رسول اللّه الأوّل، وهلا سأل من هذا عمر حين ولي الخلافة ونقل الصّحف إلى بيت حفصة، ولما نقل المصاحف زمن عثمان من قبل كتبة الوحي، هلّا اطلعوا على هذا النّقص الواقع في الأحزاب والتوبة، وهم أعلم النّاس بالقرآن بعد المنزل عليه، قاتل اللّه المفسدين، قاتل اللّه المرجفين، قاتل اللّه الزائفين، ألا يعلمون أن القول بهذا كفر صريح لإنكارء ما تعهد اللّه بحفظه وحمايته، ومن أوفى بعهده من اللّه، هذا، وقد أسهبنا بالبحث في هذا في المقدمة في بحث النّزول وآخر سورة الأحزاب المارة فراجعها تعلم، وأنت عالم، بأن ما بين الدّفتين من القرآن العظيم هو تمام كلام اللّه الذي أنزله على حضرة رسوله بواسطة الأمين جبريل لم ينقص منه حرف واحد ولم يزد عليه حرف، وإن ما نقل عن بعض الكذبة مدسوس عليهم ممن هو أكذب منهم.
هذا واللّه أعلم، وأستغفر اللّه، ولا حول ولا قوة إلّا باللّه العلي العظيم، وصلّى اللّه وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين أجمعين. اهـ.

.فصل في الوقف والابتداء في آيات السورة الكريمة:

.قال زكريا الأنصاري:

سورة التوبة مدنية وقيل إلا الآيتين آخرها فمكيتان.
{عاهدتم من المشركين} كاف وكذا {مخزي الكافرين} وكذا {ورسوله}.
{فهو خير لكم} جائز و{غير معجزي الله} الثاني كاف.
{بعذاب أليم} ليس بوقف للاستثناء بعده.
{إلى مدتهم} كاف وكذا {المتقين} و{كل مرصد} و{سبيلهم} وقال أبو عمرو في {المتقين} تام.
{رحيم} حسن وقال أبو عمرو تام.
{مأمنه} كاف.
{لا يعلمون} تام.
{المسجد الحرام} صالح وقال أبو عمرو كاف.
{فاستقيموا لهم} كاف.
{المتقين} حسن وقال أبو عمرو تام.
{إلا ولا ذمة} صالح وقال أبو عمرو كاف.
{فاسقون} حسن.
{عن سبيله} كاف.
{يعملون} حسن.
{المعتدون} كاف وكذا {في الدين}.
{لقوم يعملون} حسن وكذا {أئمة الكفر}.
{ينتهون} حسن.
{أول مرة} كاف.
{مؤمنين} تام وكذا {غيظ قلوبهم}.
{على من يشاء} حسن.
{حكيم} تام.
{وليجة} كاف.
{بما تعملون} تام.
{بالكفر} حسن.
{حبطت أعمالهم} جائز.
{خالدون} حسن.
{من المهتدين} تام.
{في سبيل الله} صالح.
{لا يستوون عند الله} كاف.
{الظالمين} تام.
{عند الله} جائز.
{الفائزون} حسن.
{وجنات} مفهوم.
{أبدا} كاف.
{عظيم} تام.
{على الايمان} حسن وقال أبو عمرو كاف.
{الظالمون} تام.
{يأتي الله بأمره} حسن وقال أبو عمرو كاف.
{الفاسقين} تام.
{مواطن كثيرة} مفهوم.
{مدبرين} صالح وكذا {الكافرين}.
{على من يشاء} كاف.
{رحيم} تام.
{عامهم هذا} حسن.
{إن شاء} كاف.
{حكيم} تام وكذا {صاغرون}.